د.محمد العبدة
في إشارة إلى أساليب اليهود الملتوية ونفوسهم التي أكلها الحسد قال تعالى (أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا * أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا){ [النساء/54] الملك العظيم هنا إشارة إلى ملك داوود وسليمان عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام.
طعن اليهود في نبوة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وقالوا لو كان نبياً ما اشتغل بالسياسة والحكم ,ولا كان أدخل اليهود تحت طاعته في المدينة أي تحت طاعة الدولة الإسلامية في الأحكام العامة ولا عقد معهم معاهدات.
أليس منطق العلمانيين اليوم (وأمثالهم) هو منطق أهل الكتاب ؟! هؤلاء الذين كرهوا ما أنزل الله , وزين لهم باطلهم ، هؤلاء يشنعون على المسلمين أنهم يشتغلون بالسياسة ,ويدخلون الدين في السياسة ، والدين – بنظرهم – أسمى وأقدس من أن ينزل إلى دهاليز السياسة ,ووحلها ومناوراتها ، وكأنهم في الظاهر يحترمون الإسلام ويعظمونه , ولكنه في الحقيقة المكر الذي تعلموه من أسلافهم , ولذلك اخترعوا مصطلح ” الإسلام السياسي ” وكأن هناك إسلاماً اجتماعياً وإسلاماً اقتصادياً وإسلاماً فقهياً …. وهذه تجزئة غير بريئة ، وهم ممن يجعلون القرآن عضين , الإسلام كل هذا وهو لا يدخل في السياسة إذا كانت تعني الدجل والكذب والخداع .
ولكن الإسلام من يوم أن بعث محمد صلى الله عليه وسلم قدر له أن يكون نظاماً ينشر رحمة وعدلاً ويقيم أمة وحكماً ، ولا تعريف له إلا “الإسلام” الذي هو هداية للبشرية في كل عصر وكل مكان , وهو هوية الأمة , ولا هوية لها غيره, وهو حضارتها وثقافتها وهو عقيدتها وشريعتها.
وكل محاولة لتجزئة الإسلام داخل إطار معين هي محاولة فاشلة وإن كانت ماكرة .
لماذا لا يبوح العلمانيون بمكنون صدورهم , وتكون عندهم الشجاعة لأن يصرحوا بما في نفوسهم , ولنقل لهم: (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ).