مازلنا نسميه الربيع العربي رغم مايظهر هنا وهناك من أخطاء وأشياء تكدر هذا المصطلح ، ورغم الذين كانوا حذرين من القادم الجديد تخوفا من أن ينجر هذا القادم إلى الدجل الايراني وحديثه الكاذب عن فلسطين وما يسمى ( المقاومة ) وحديثه الكاذب عن الوقوف في وجه أمريكا ، إلى آخر هذا الهراء الذي لايخفى على العقلاء وعلى من يعلم حقائق الدين وحقائق السياسة ،
مازلنا نسميه الربيع العربي رغم ماحدث ويحدث مثلا في تونس من استقبال لما يسمى حزب الله اللبناني الذي يقتل الشعب السوري ، ورغم التصريح المصري بأن ايران هي جزء من الحل وليست جزأ من المشكلة ( كانت كلمة الرئيس محمد مرسي في طهران جيدة وكنا نتمنى أن لايحضر هذا المؤتمر لأن ايران منحازة للنظام المجرم في سورية ) الحرية هي التي تصحح الأوضاع مادام هناك أناس ينتقدون ويتكلمون الحق .
إنها فرصة متاحة للذين تقلدوا الأمور في الدول التي حصل فيها التغيير ، فرصة قد لاتعود أو قد تعود بنسبة أقل ، ربما لم يكن الذين رشحوا الدكتور محمد مرسي متأكدين من فوزه بالرئاسة ، ولكن عندما احتدم الصراع مع المرشح الآخر أحمد شفيق وقفت كل الجماعات الإسلامية وكل المتدينين مع المرشح مرسي ، ومع ذلك فقد وضع كثير من المصريين أيديهم على قلوبهم وكادت الديمقراطية – وهذه إحدى سلبياتها – أن تأتي بأحمد شفيق ولكن الله سلم ، ويجب ألا ينسى هذا الفضل للذين ساهموا مساهمة قوية في إنجاح الرئيس مرسي ، وهذا النجاح هو فرصة ثمينة لإصلاح ما فسد خلال عقود طويلة ، إصلاح في الداخل وفي الخارج ، وهو عبء كبير ولكن البدء بالأوليات يخفف من هذا العبء ،وقد تكون الرؤية للإصلاح الداخلي واضحة رغم صعوبتها ، إصلاح الإدارة والمال ، والتعليم والجامعات ، والإهتمام بالصحة والتأمين الإجتماعي.
ولكن الأمر الذي يجب أن يؤكد عليه هو ما يتعلق بالأحداث في المنطقة العربية وأمن هذه المنطقة ، وما يجري في سورية هذه الأيام هو من أكبر هذه الأحداث ، ولاينبغي لمصر في مركزها وأهميتها أن تكون بعيدة عن هذا الحدث ، ولاعذر لمن يقول : إن مصر مشغولة بأمورها الداخلية .
إن عدم الوعي لخطورة أهداف ايران في المنطقة وماتخطط له ، ودجلها عن فلسطين لهو شيء يحز في النفس ويقلق بال المسلم ، والكل يأمل أن تعود مصر لدورها العربي الإسلامي ، وأن تكون دولة فاعلة مؤثرة في سياسات المنطقة ، وإن الحيادية في هذا الأمر غير مجدية بل هي مرفوضة . إن منطق الدين والتاريخ يتطلب من حكومة مصر موقفا ايجابيا وقويا مع الثورة في سورية . من لايقرأ التاريخ لايستطيع أن يفهم الحاضر بله أن يحكم على الحوادث السياسية التي تجري هذه الأيام . يقول علي شريعتي – وهو كاتب ايراني – :” من القضايا الواضحة وجود ارتباط بين الصفوية والمسيحية ( الغرب ) حيث تضامن الإثنان لمواجهة الإمبراطورية الإسلامية العظمى ( الدولة العثمانية ) التي كان لها حضور فاعل على الصعيد الدولي وشكلت خطرا جديا على أوروبا ” ( 1 )
إن تأمين الحاجات الأساسية للإنسان شيء ضروري ولكن الأهم من ذلك أن يكون للدولة استراتيجية وأهداف كبرى تسعى إليها ولو كانت على مراحل متفرقة ، ومن الأشياء التي تساعد الدولة على هذه الغايات أن تفضل الإسلام على كل جماعة أو مؤسسة أو حزب ، وإذا كان تقدم الأمة يتطلب أن تمحى جميع اللافتات والشعارات فليكن ذلك ، العمل والجهد يجب أن يكون لصالح الأمة وليس لصالح حزب أو جماعة معينة ، وهكذا تلتف الأمة حول الدولة .
هناك نماذج في تاريخنا من التضحية في سبيل المصلحة العامة ، مصلحة الإسلام ومصلحة الأمة ، وهو ماقام به السيد العظيم الحسن بن علي في التنازل عن الخلافة ( وقد بايعه أهل العراق ومن كان في جيش والده رضي الله عنه ) وقد كانت كل القوة العسكرية بيده والدلائل الشرعية تؤيده ، فهو تتمة الخلافة الراشدة كما جاء في الحديث ولكنه رأى أن هذا الصراع قد اسنفذ قوة المسلمين فتنازل اجتهادا منه وعلى بصيرة.