( 1)
من المؤكد أن الذين خرجوا بالمظاهرات السلمية في بداية الثورة لم يتوقعوا أبدا أن هذا النظام يمكن أن يهدم مدنا بأكملها فوق رؤوس أصحابها ، صحيح أنه ومنذ البداية بدأ النظام بالقتل والإعتقالات ( وهي لم تتوقف منذ مجيء حافظ الأسد ) وقد تحمل المتظاهرون كل هذا العنف – جزاهم الله خيرا – ورحم الشهداء وفرج الله عن المعتقلين واستمرت الثورة ، ولعل هذه التضحيات تسقط النظام وتعريه شيئا فشيئا ولكن هذا لم يحدث ، وزاد إجرام النظام فانتقل من القتل الفردي إلى المجازر ثم إلى القصف بالطيران الحربي وليس عنده مانع من استعمال أي وسيلة أخرى ،ذلك لأنه يحمل من الحقد على الشعب السوري ( السني ) ماتنوء به الجبال ، وعنده من الوحشية والإجرام ما لايتصوره الناس أولم يعيروها ماهي على حقيقتها ، ولذلك بدأوا : سلمية ، سلمية ، وكان الإجتهاد في هذا الأمر : إننا لوبدأنا ثورة مسلحة فسوف يستغلها النظام ويقول : إنه يقاتل متمردين ، ولكن الذين يعلمون عن هذا النظام يدركون أنه لاينفع معه شعار السلمية ولا الحوار ولا المفاوضات . وهنا نصل إلى المسألة التي لايريد كثير من الناس التحدث عنها وهي أن هذا النظام هو نظام باطني ،أجداده القرامطة الذين قتلوا الآلاف عند الكعبة في عام 317 ه وأجداده الحشاشون الذين كان همهم الوحيد اغتيال الشخصيات السنية الكبيرة والمؤثرة ، وبدأوا بالوزير القدير ( نظام الملك ) وزير الدولة السلجوقية .
( 2)
ظل كثير من السوريين – وبنوع من المزايدات الوطنية – يقولون : لانريد تدخلا عسكريا أجنبيا ، وهو كلام ظاهره صحيح ، ولكن مثل هذا النظام لايرتدع بغير القوة العسكرية ، ولذلك نجدهم يطالبون الآن بتدخل عسكري ( حظر طيران ، منطقة آمنة 000 ) ويقولون هذا ليس تسولا من الغرب ولكنه واجب عليهم من الناحية الإنسانية ، هل نقول مرة ثانية :يبدو أن هؤلاء لايعرفون النظام .
3)
المعارضة السورية غير موحدة ، هذه النغمة التي يرددها الغرب ليتخذها تكئة كي لايقدم أي عون مجد لمساعدة الثورة ، ياترى هل إذا كانت المعارضة موحدة سيقدم الدعم المطلوب ، لاأعتقد ذلك ، هناك فرق بين أن تكون معارضات متنوعة ولكنها تنسق فيما بينها وتتعاون على المصلحة العامة ، وبين أن تكون معارضات مفككة متنافرة تعادي بعضها ، وتهاجم بعضها أمام الإعلام ، مايخرج كل يوم من تشكيلات جديدة ليس مقبولا ولا مجديا إلا إذا كانت النية هي التكامل والتعاون ، ليس صعبا أن يكون هناك حلولا لكل مشكلة طارئة ، ولس الحل بانفراد كل طرف ليقول إن الحل هو عندي وليس عند غيري ، قد يعتذر البعض بأن النظام الإستبدادي الطويل لم يعط للسوريين الفرصة كي يمارسوا السياسة بطريقة معقولة ، وقد يكون هذا سببا وجيها ولكنه غير كاف لتفسير هذه الظاهرة ، إن التوحد والتعاون لا يأتي إلا بسلامة الصدور من الهوى ، وإلا بالخضوع تدينا لاجتماع الأمة .
( 4 )
لاشك أن هذه الثورة هي ثورة مباركة انشاء الله لأنها تقاتل على الحق ،وفي الثورات غالبا مايظهر عناصر تسير مع الركب ولكن لها أغراضها الخاصة ، وعندما يصبح حمل السلاح أمرا مألوفا ( وهو كذلك في أوضاع سورية ) فإن بعض الناس الذين لاخلاق لهم أولم يتربوا تربية صحيحة ، فإن حمل السلاح يعطيهم إحساسا فوريا بالزهو والرضا عن أنفسهم ، وتستطيع العناصر الإنتهازية أن تستغلهم بسهولة وتسخرهم لأهدافها الخاصة ، وعلى المجاهدين في الداخل التنبه إلى هذه الناحية ، والسعي إلى توحيد الصف لأنه أحد الأسباب المهمة للنصر بإذن الله .